أجمع المسلمون على حجية أقوال الصحابة

أجمع المسلمون على حجية أقوال الصحابة

قال الدارمي رحمه الله : وقد علمتم إن شاء الله أنه لا يَسْتَدرِكُ سُنَنَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهِ وأحكامِهم وقضاياهُم، إلا بهذه الآثار والأسانيد على ما فيها من الاختلاف، وهي السبب إلى ذلك، والنهج الذي دَرَجَ عليه المسلمون، وكانت إمامهم في دينهم بعد كتاب الله - عز وجل -، منها يقتسمون العلم وبها يقضون، وبها يُقِيمُون، وعليها يعتمدون، وبها يتزينون، يرثها الأول منهم الآخر، ويبلغها الشاهد منهم الغائب، احتجاجًا بها، واحتسابًا في أدائها إلى من لم يسمعها، يسمونها السُّنَنَ والآثار والفقه والعلم، ويضربون في طلبها شرقَ الأرضِ وغربها، يُحِلُّونَ بها حلالَ اللهِ ويحرمون بها حرامه، ويميزون بها بين الحقِّ والباطل، والسُّنَنِ والبِدَعِ، ويستدلون بها على تفسير القرآن، ومعانيه، وأحكامه، ويَعْرِفُونَ بها ضَلالةَ مَنْ ضَلَّ عن الهُدَى، فمن رغب عنها؛ فإنما يَرْغَبُ عن آثارِ السَّلَفِ، وهَدْيِهِم ويريد مخالفتهم؛ لِيَتَّخِذَ دينَه هواه، وليتأول كتابَ اللهِ برأيه خلاف ما عنى الله به.  
فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أَسْلاَفِهِم؛ فاقْتَبِسُوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى في سبيله، وارضوا بهذه الآثار إمامًا كما رضي بها القومُ لأنفسهم إمامًا، فَلَعَمْرِي ما أنتم أَعْلَمُ بكتابِ الله منهم، ولا مثلهم، ولا يمكن الاقتداء بهم إلا باتباع هذه الآثار على ما ترون، فمن لم يقبلها؛ فإنه يريد أن يتبع غير سبيل المؤمنين، وقال الله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} ... [النساء: ١١٥].
وقال : رأينا أرشدَ الوجوهِ وأهداها أن نَرُدَّ المعقولات كُلَّهَا إلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى المعقولِ عند أصحابه المستفيض بين أَظْهُرِهِم؛ لأن الوحيَ كان يَنْزِلُ بين أَظهرهم، فكانوا أعلم بتأويله مِنَّا ومنكم، وكانوا مؤتلفين في أصول الدين لم يفترقوا فيه، ولم يظهر فيهم البدع، والأهواء الحائدة عن الطريق، فالمعقول عندنا ما وافق هَدْيَهُم، والمجهول ما خالفهم، ولا سبيل إلى معرفة هديهم وطريقتهم، إلا هذه الآثار، وقد انسلختم منها وانتفيتم منها بزعمكم، فَأَنَّى تهتدون؟ ①
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. الرد على الجهمية للإمام الدارمي